الوفاء لدعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب من أمير الوفاء سلمان

  • فضيلة الشيخ د/ عزيز بن فرحان العنزي
  • : 9394
الوفاء لدعوة الشيخ محمد بن عبدالوهابمن أمير الوفاء سلمان

لقد تابعت بكل الفخر والإعجاب تعليقات وتعقبات صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز آل سعود أمير منطقة الرياض ( جريدة الحياة الأربعاء , 28 أبريل 2010) على بعض الكتاب والصحفيين الذين لديهم مفاهيم مغلوطة عن دعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب ، وقد أعاد حفظه الله إلى الأذهان حقيقة هذه الدعوة المباركة ، وأن المجدد رحمه الله عالم رباني ، وداعية من دعاة الإسلام ، لم يأت ـ في واقع الأمر ـ  بجديد ، وإنما دعا  الناس إلى ما دعاهم إليه محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم ، وما كان عليه سلف هذه الأمة من الصحابة والتابعين ، ومن سلك مسلكهم ، وقد عضده الله عز وجل   ببقايا الدول ، ونجايا الملوك الأول «آل سعود» خاصة صاحب السعي والمقتدي بالسلف الصالح، الإمام محمد بن سعود رحمه الله ، والذي تبنى دعوة الشيخ وحماها ، لكونها دعوة   الحق التي جاء بها خاتم الأنبياء والمرسلين ، فأيده وناصره ؛ فاجتمعت قوة العلم مع   قوة السلطان، فخرج هذا الكيان الذي ما زلنا نتفيأ ظلاله ــ دام عالياً شامخاً بتوفيق الله ــ فحفظوا على الأمة معاقد الدين ومعاقله ، وحموا من التغيير والتكدير موارده ومناهله ، وقد كتب الله عز وجل لهذه الدعوة الظهور والانتشار، واعتلت شجرتها باسقة تزاحم النجوم في عليائها ،  فأصبحت البلاد والى يومنا هذا مضرب المثل في صفاء العقيدة، والسمو عن وحل الشعبذات والهرطقيات والأوهام  إلى دوحات التوحيد     ، والسنة والتوفيق ، وقد حصّلت بعض البلاد المتاخمة والقصية كثيراً من هذا الخير ، حينما بدأ صداها يتردد في مشارق الأرض ومغاربها، عن طريق الحجاج والمعتمرين والتجار   والمسافرين ، فطار إليها الصادقون من هذه الأمة فسرت في نفوسهم جريان الماء الرقراق في الجداول النقية الصافية ، لأنها دعوة الفطرة النقية الصافية، فأصبحوا دعاة إلى الله ، وقد سجلوا إعجابهم بهذه الدعوة في مذكرات ومصنفات معروفة ، لأنها أعادت الإسلام إلى نقائه وصفائه .

وقد دعا سموه حفظه الله كل من له عناية في الكتابة عن هذه الدعوة بشكل خاص أن يتحروا الصدق ، وأن يأخذوا الأخبار من مظانها ، وحذر سموه الكريم من بناء الأحكام على الظنون ، لأن الإنصاف والعدل يقتضيان من المرء ألا يحكم بالظنون ،  فالظن ليس ذا قيمة في اكتشاف الحقائق ، وهذه كتب الشيخ وكتب أحفاده وتلاميذه ومصنفاتهم ورسائلهم وهي البحار الزواخر، والتي لجواهرها ودررها وكثرتها وقوة مادتها لا يعرف لها أول ولا آخر ، في متانتها وحسن تصنيف أصحابها ، ونزوعهم إلى القرآن والسنة ، وطريقة الصحابة في الفهم والاستدلال ، وهذه المصنفات لا تخلوا منها مكتبة ولا بيت غالباً ، شاهدة على أن هذه الدعوة المباركة هي دعوة الإسلام الحقة ، تدعوا إلى فهم الإسلام كما فهمه الصحابة ومن تبعهم ، وتحترم أئمة المذاهب الأربعة ، وتحذر من الغلو في التكفير ، وتدعوا إلى التعامل مع الطوائف الإسلامية بجامع كونهم من أهل القبلة ، مع إسداء النصيحة لهم كما أمر ربنا جل وعلا ، ولذلك مر علينا في مراحلنا الدراسية الشرعية أساتذة من طوائف ومذاهب شتى ومن بلاد متنوعة ، وقد استقدمهم للتعليم علماء هذه الدعوة ، ولم تكن الثقافة التي نحمل تدفعنا إلى التحسس منهم ، كما يزعم من يغالط الحقائق .

ومما حذر منه سموه الكريم ، استعمال مصطلح ( الوهابية) ومحاولة ربطه بسلوكيات وتصرفات تحمل طابع الشدة ، أو التطرف وإلصاقها بدعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب ، ولا شك أن سموه الكريم يريد بهذا رحمة هؤلاء المرددين لكلام المناوئين لهذه الدعوة في القديم والحديث ، من أن يكونوا غرضاً لسهام المنتقدين ،  لأن طرحهم يفتقد إلى الصدق والموضوعية ، ويتحطم على صخرة هذه الدعوة المباركة ، ويدرك وهائه وزيفه بمقدمات العقول قبل أواخرها ، فدعوة الشيخ رحمه الله فوق الشبهات ، فهي قائمة على التمسك بالأصيل ، والأخذ بالجديد وفق الضوابط الشرعية والقواعد المرعية ، وتدعوا إلى عمارة الدنيا ، والسعي للآخرة ، وتوفق بين متطلبات الروح والجسد ، والمتقرر عند المجدد رحمه الله وتلاميذه إلى يومنا أنهم يمزجون في تعليم الناس بين قاعدتي ( أن الأصل في العبادات التوقف وقاعدة أن الأصل في الأشياء الإباحة ) ولذلك أتاحت هذه الثقافة الشرعية والفهم السديد لهذا الوطن الكبير الذي تبنى الدعوة أن يأخذ بزمام المبادرة في الحصول على أعلى التقنيات الحديثة ، والتطلع إلى ما فيه نفع البشرية من خلال استعمال الوسائل المتعددة ، والترقي في مدارج الكمال الدنيوي .

وإن الأمير سلمان بمثل هذه المبادرة الداعية إلى كشف الحقائق ، ووضع الأشياء في مواضعها الصحيحة ـ وهي ليست الأولى لسموه ـ يشير إلى الوفاء العظيم الذي يحمله هذا الأمير الشهم ، لهذه الدعوة المباركة، ولإمامها وعلمائها ، في وقت ـ وللأسف ـ أصبح كثيرون ممن يعنيهم الأمر من أهل العلم، وأرباب القلم الشريف ، قائمين في ظلهم لا يبرحون ، وراتبين على أكعابهم لا يتزحزحون ، وكأن الأمر لا يعنيهم ، مع أن الوفاء لهذه الدعوة ولإمامها متعلق في عنق كل فرد من أبناء هذا الكيان العظيم بخاصة ، ولكننا نفاجأ بعقوق فاضح من بعض أبناء هذا الوطن ، يتمثل في تشغيب وتأليب وقفز على الحقائق ، وتصوير الأمور في قوالب مبنية على تخرصات وظنون ، وليس لها رصيد من الواقع ، بل إن بعض من يكتبون يفتقدون لأبسط درجات الالتزام الخلقي والمهني والموضوعي في الكتابة ، فيُحّمِّلون كلام المجدد رحمه الله ، مالا يحتمل ، لا بمنطوقه  ولا بمفهومه ، ويأتون ببواقع وأمور أغرب من العنقاء .

فشكراً للأمير سلمان ، وأسأل الله أن يمتعنا ببقائه ، وأن يوفق ولاة أمورنا لما فيه عز الملة وصلاح الأمة . آمين .



كتبه

فضيلة الشيخ د/ عزيز بن فرحان العنزي

مدير مركز الدعوة والإرشاد السعودي بدبي