وقفة تذكير في حادثة منى

  • فضيلة الشيخ د/ عزيز بن فرحان العنزي
  • : 19828

أسأل الله أن يرحم من مات من هؤلاء الحجاج وأن يجعلهم شهداء عنده وأن يرفع منازلهم في عليين، وهنيئا لهم هذه الخاتمة، فلقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال عن الرجل الذي مات وهو محرم [ فَإِنَّهُ يُبْعَثُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُلَبِّيًا ]، ولا شك أن ما جرى إنما هو بتقدير الله جل وعلا فلله الحكمة البالغة قال تعالى: [ إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ ] وقال تعالى: [ لِكُلِّ أَجَلٍ كِتَابٌ ] ومن تأمل في هذه الحادثة يجد بأنها اشتملت على حكم كثيرة من هذه الحكم: اختيار الله تعالى لهذه الكوكبة أن تكون خاتمتهم على خير حال  وقد قال صلى الله عليه وسلم: [ الْأَعْمَالُ بِالْخَوَاتِيمِ ]وارجوا الله لهم الشهادة كيف لا وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنه الحج في سبيل الله. ومن الحكم: أن قدر الله نافذ لا يمنعه حرص حريص ولا ترده قوة قوي، وقد جاء في الحديث: [ لَا يُغْنِي حَذَرٌ مِنْ قَدَرٍ ] فرغم الاستعدادات الهائلة والتسهيلات الكبيرة والأعمال العملاقة إلا أن الله منفذ قدره جل وعلا في عباده، وممضي قضاءه في خلقه، ومن الحكم أيضا كشف حال الشانئين المبغضين من الذين يتربصون بالأمة الدوائر وفضح مكنونات صدورهم وخفايا ضمائرهم، حينما يستثمرون مثل هذه الحوادث المؤلمة لإشباع نفوسهم المريضة ومحاولة التشغيب على ما تقوم به حكومة خادم الحرمين الشريفين الرشيدة من جهود جبارة في خدمة ضيوف الرحمن، والتي جعلت من أولى اولياتها خدمة البيتين والحجاج والزائرين، ففي هذا العام تحديداً جندت ما يزيد على 300 ألف فرد من جميع القطاعات لخدمة الحجاج ووفرت جميع السبل المريحة والتي من خلالها يؤدي الحجاج نسكهم، وما حصل من تدافع في مشعر منى وما نتج عنه من وفيات وإصابات رغم فضاعته والحزن الذي خيم على الجميع إلا أنه لا يقلل ابداً مما تقدمه المملكة العربية السعودية من خدمات وتسهيلات لضيوف الرحمن، وأن أرقام المبالغ التي تصرفها حكومة خادم الحرمين الشريفين على الحرمين الشريفين وعلى خدمة الحجيج  لتضاهي ميزانيات عشرات من الدول، وهذا لا يمكن أن يشاهد إلا بعين الإنصاف والعدل، ولا تقلل هذه الحادثة من جهود جنودنا البواسل والذي قدم الكثير منهم أرواحهم في سبيل هذا العمل الشريف، تعازينا لمقام خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين وسمو ولي ولي عهده ولجميع المسلمين وأسأل الله جل وعلا أن يرحم الموتى وان يعافي المصابين أنه خير مسؤول.